ماذا تعرف عن السيدة الملقبة بأم البحرية المصرية
أم البحرية المصرية
* اليوم 21 مارس يوم تحتفل به كل الأسر بالأم وفى هذا اليوم نتذكر أيضا أماً توارت خلف التراب ؛ ولكن ذكراها عطرة خالدة ؛ بذلت من أجل مصر التضحية والعطاء ولم تدخر جهدا من أجل رفعة مصر و إعلاء شأنها ومع كل الأسف لم تنل من التكريم ماتستحقه ونحن هنا اليوم نقوم بإلقاء الضوء عليها لكي تتعلم الأجيال الجديدة اسمي معاني الوطنية ألا وهى السيدة عصمت الإسكندراني أم البحرية المصرية .
* هذا اللقب لسيدة من سيدات مصر الشرفاء التي لم يسمع عنها الكثير لكن بسؤال اي ضابط بحري سوف يحكي لك الكثير عنها إنها أحبتنا واحببناها انها السيدة ( عصمت حسن محسن حسن الاسكندراني ) المعروفة ب ( أم البحرية المصرية )
* ولدت عصمت الإسكندراني، عام 1897 بالإسكندرية في أسرة عريقة ذات صلات بالبحر والبحرية، فهي حفيدة حسن الإسكندراني الذي تم منحه لقب «أمير_البحار»، وأحد قادة الأسطول المصرى في القرن الـ19، أو ما كان يطلق عليه وزير البحرية، والذي أبلى حسنًا في موقعة «نفارين» 1827، واستشهد فى حرب القرم 1854.
وكان والدها حسن محسن باشا من رجال الدولة، وأمها عزيزة حسن، ابنة الأمير حسن إسماعيل، وشقيقة عزيز حسن، من قادة الجيش المصري الذين اشتركوا في حرب_البلقان 1912.
* تلقت عصمت محسن، علومها بالإسكندرية في البيت والمدرسة، وأجادت إلى جانب لغتها العربية، الفرنسية والإنجليزية، وتعلقت منذ صباها بالبحر والسفن والأسفار، وبمجد جدها «أمير_البحار»، وبتاريخ البحرية المصرية ومواقعها الحربية، وبأمجاد مصر في البحار.
* كان لاهتمامها بالتاريخ والآثار ما دعاها إلى ركوب البحار وزيارة بلدان عدة، فطافت لبنان وسوريا وتونس والجزائر والمغرب والأندلس بإسبانيا، حيث درست المساجد والقلاع والآثار القديمة، كما ترددت على متاحف ومكتبات فرنسا وبلجيكا وسويسرا وغيرها، وقضت 18 عامًا في رحلاتها الاستكشافية والدراسية حتى أطلق عليها «بنت_بطوطة»، لكثرة أسفارها، وفى سفرياتها طاب لها مشاركة الملاحين والبحارة حياتهم الخشنة في البحار، ولم تستهوها بواخر الترف ورحلات البذخ.
* بعد ترحال من مكان إلى مكان استقرت في العاصمة الفرنسية باريس للبحث وكتابة التاريخ العربي ونشر مقالاتها في الصحف الفرنسية عن التاريخ العربي والشرقي وأمجاده، وتعرفت على المستشرق الفرنسي كريستيان شيرفيس الباحث في المخطوطات العربية الذي لاحظ شغفها بالآثار والرحلات فسمح لها بالبحث في مكتبته وأشار عليها أن تكتب تاريخ بلادها وأن تُكنى ببنت بطوط.
* كتبت عن أكثر من موقعة حربية مثل حطين وعين جالوت وموقعة شريش التي أعلنت فتح العرب والمسلمين للأندلس لعدة قرون، واشتركت في مسابقة جريدة ماتان الفرنسية عن مسابقة لأشهر المواقع الحربية التاريخية الفاصلة وجائزتها 500 فرنك. وكتبت أيضًا باللغة العربية :”أحاديث تاريخية” و”من تاريخ هارون الرشيد والبرامكة” 1943، وكتاب “سيف الدولة”، الذى لم ينشر، وكان لتصوير الحضارة العربية، و”صفحات من تاريخ البحرية المصرية” 1947، للإشادة بأمجاد مصر البحرية، و”موقعة نفارين” 1960، و”المغامرات البحرية”،1951 لتصوير حياة البحار.
* وما أن قامت حرب 1948 قامت بالتبرع بسفينة حربية مجهزة كاملًة على نفقتها الخاصة، وأهدتها إلى القوات البحرية، كما أهدت منزلها الواقع في رأس التين بالإسكندرية إلى القوات البحرية ليكون ناديًا بحريًا، ووهبت جميع ممتلكاتها من عقارات و أراض زراعية وما لديها من مال في وصيتها بعد وفاتها للكلية البحرية، مساهمًة منها للنهوض بأسطول مصر، ليضارع أكبر أساطيل العالم.
* أهدى الرئيس جمال عبد الناصر، «أم البحرية المصرية»، وسام «الكمال الذهبى» 1955، وسرق الوسام من بيتها، فأهدى إليها الرئيس وسامًا آخر، وكان ذلك في مناسبة الإحتفال بيوم البحرية، وبإنشاء المتحف البحري بالإسكندرية في 29 أغسطس 1960، وكانت «أم البحرية»، في مقدمة المدعوين إلى الحفل.
* كانت هذه السيدة تستطيع أن تدخل مقر القوات البحرية فى أي وقت، وتستطيع أن تصعد إلى ظهر أية مدمرة أو سفينة حربية دون أن تعترضها العوائق، إنها سيدة تنبض كل نقطة من دمها بحب أرض النيل، وهي سيدة ثرية ومع ذلك فكل مليم تمتلكه وهبته، بعد عمر طويل للقوات البحرية، إنها السيدة التي منحت الأسطول المصري سفينة حربية كاملة من جيبها الخاص في حرب فلسطين.
* السيدة التي يُعتبر منزلها الفخم الأنيق بشارع رأس التين ناديًا بحريًا، السيدة التي يُعتبر جواز المرور إلى قلبها أن تقول لها: أنا بحري، السيدة التي تُغلق بابها في وجوه الصحفيين وتفتحه في وجوه القوات البحرية.
* في عيدالأم 21 من شهر مارس من كل عام يزور منزل «أم البحرية»، ضباط السلاح البحري وطلبة الكلية البحرية، ويقدمون إلى أمهم باقات الورود، ويلتفون حولها وهي تعيد على مسامعهم الأمجاد المصرية في البحار، وكيف كان الأسطول المصري عام 1840 ثالث أسطول في العالم بفضل جنوده الشجعان، وكان رقم تليفونها بعزبتها الخاصة بشبراخيت، رقم سري لا يعرفه سوى أبنائها ضباط البحرية، وأعطتهم الإذن بأن يطلبوها في عزبتها في أي وقت بالليل أو بالنهار إذا احتاجوا إليها.
▪ وإليكم ما كتب عنها فى مجلة الأسطول :
* ابلى حسن الاسكندرانى بلاءاً حسنا فى بطولاته ومعاركه البحرية و يمكننا أن نقول أن حسن الاسكندرانى لم يمت حيث أنه قد انجب للبحرية أماُ هى صاحبة العصمة السيدة عصمت هانم (بنت بطوطة) فكأنها قد ولدت تعمل لها وتحيا من أجلها ، وتعتبرها عقيدة لاعملا ، ومبدا لاوظيفة.
* وترى أن شواطىء مصر الممتدة على مدى البحرين الأبيض والأحمر والتى كانت تحميها السفن ذات الأشرعة البيضاء فيما مضى ، تطلب سفنا من الطراز الحديث لتصد عنها كيد المعتدين ، وأن راية مصر التى كانت تخفق في ربوع العالم ردحا من الزمان في حاجة الى هذه السفن أيضا لتجوب بها البحار والمحيطات.
* إن ايمانها بوطنها ترى أن مصر ستقوى وتبلغ أوج عظمتها يوم أن تعمل على تقويته بحريتها
و تأمل أن ترى نفسها في اليوم الذى تكون فيه بحرية مصر من أقوى بحريات العالم . . .
* وها هى ذى تنفخ من روحها القـوية في أبنائها (من ضباط وجنود البحرية) وبفضــل توجيهاتها وما تكتبه عن البحر من مؤلفات تنشرها من مقالات مستفيضـة عن البطولات والمغامرات البحرية في المجلات المختلفة وخاصة مجلة الأسطول ، نجد أن الوعى البحرى دب في نفوس الشباب ، وأخذ يزداد يوما بعد يوم وبدت آثاره باقبال الشباب على التطوع في القوات البحرية . . وهذه ظاهرة في مصر جديدة .
* انها حقا (( ام البحرية )) . فمنذ اعادة تنظيم القوات البحرية وهى دائبة العمل من أجلها ، تعاون العاملين عليها ، وكأنما قد عاودها الحنين الى ذكريات البحر ، لتجد في رؤية بحارته سلوتها وعزاءها، اذ ترى في وجوههم الصافية صفاء البحر، وخطواتهم القوية، وروحهم المرحة ذلك البطل الذى استشهد في حب وطنه.
* انها وطنيةغيورة كجدها حسن الاسكندرانى ومحسنة فاضلة ، ومحبة للمساهمة في الأعمال الوطنية ، ففى كل مناسبة تتقدم بالهدايا الثمينة للضباط والجنــود البحريين حيث نرى انها امهم جميعا .
* وقد ساهمت مساهمة فعالة في انشاء المتحف البحرى ، وقامت أيضا بتزويد مكتبة الكلية البحرية بالكتب القيمة في العلوم البحريةوغيرها من العلوم النافعة .وتشجع الرياضيين البحرية بما تقدمه لهم بين الحين والآخر من كؤوس وميداليات ، فقد أهدت عدة كؤوس للقوات البحرية وأخرى للكليات العسكرية ذلك فضلا عن الجوائز القيمة التى تقدمها لأوائل الطلبة فى كل دفعة تتخرج في الكلية البحرية البحرية تقديرا لهم وحثا لزملائهم ليقتدوا بهم ، مما كان له أجمل الأثر في بعث روح المنافسة بينهم.
* ومن دلائل حبها للبحر انها تقصر سفرها الى الخارج في رحلاتها العديدة على البحر و كثيرا ما قامت بنفسها برحلات على كواتر شراعية من البحر الأبيض الى البحر الأسود .
* وهى مثقفة ثقافة على أيادى جهابذة المستشرقين و توالى القراءة والبحث، وتصنف مؤلفات بجميع اللغات ، وتعنى في كتاباتها بتقوية الروح البحرية وحفز الهمم لبعثها.
* و هوايتها الى جانب ما ذكرنا جمع التحف وما يمت للفن البحرى بصلة ولذلك تجدونها قد جعلت من الفيلا التى كانت تسكنها والواقعة في نهاية حى رأس التين تجاه موقع القوات البحرية ، جعلت منها سفينة أو متحفا بحريا فيه كافة الأدوات واللوازم البحرية ؛ وبه مكتب افرنجية حافلة بالمجلدات التاريخية الجغرافية والأدبية وبعض المجلدات العربية النادرة.
* واذ سألتها عن سبب اهتمامها بالبحرية في
كل مظهر من مظاهر حياتها .. أجابتـك .. اننى قد جندت نفسى للعمل على بث الوعى البحرى وهذا لايتأتى إلا بنشر التاريخ البحرى وتعريف الشباب بما كانت عليه مصر يوم أن كان لها أسطول بحرى قوى وهكذا سائر الدول تولى هذه الناحية قدرها من الاهتمام.
* وازاء كل ما تبذله عصمتها وتقــدرا لخدماتها الوطنية الصادقة واعترافا بفضلها و ما قدمت من خدمات للقوات البحرية رأى ولاة الأمور منحها نيشان الكمال وفي حفل بهيج حضره رؤساء هيئات ادارات القوات البحرية والصحفيون قلد الفريق أول سليمان عزت قائد القوات البحرية صاحبة العصمة السيدة (( عصمت هانم محسن )) نيشان الكمال نيابة عن الرئيس جمال عبد الناصر.
▪ التعليق :
* هذه السيدة العظيمة ليست ككل السيدات فقد كانت شخصية متزنة عاقلة على درجة عالية من الذكاء وذات ثقافة وعلم ومعرفة واسعة وتجيد اللغات واتقنت علم البحر علميا وعمليا وركبت البحر حتى السفن الشراعية وتحملت المصاعب والمشاق ودرست التاريخ ولها مؤلفات عن البحرية المصرية حتى أطلق عليها بنت بطوطة واحبت كل أبناء ورجال القوات البحرية وكانت ذات حسب ونسب وتمتلك الكثير من الأموال والأصول ولكنها تبرعت بها لصالح القوات البحرية وكافأت المتميزين منهم وكانت لاتدخر وسعا لمساعدة من يحتاج إليها فهى تستحق أن تكون "أم البحرية المصرية " عن جدارة واستحقاق فلم يأتى بعدها ولن يأتى مثلها فهى ظاهرة فريدة من نوعها نسيج وحدها ونادرا ما تجد مثلها وإن تكريمها لقليل على ماقدمته وضحت به من أجل القوات البحرية ومصر.
* رحلت المجاهدة الأديبة السكندرية التي جمعت بين العلم والفكر والعمل في صمت، والإيثار والوطنية، عصمت حسن محسن حسن الإسكندرانى، الملقبة بـ «أم البحرية المصرية»، و «بنت بطوطة مصر» وحفيدة «أمير البحار» بجسدها عنا في 1973 وبقيت ذكراها ووطنيتها مثالًا يحتذى به ولا يمحى من ذاكرتنا أو من ذاكرة القوات البحرية والوطن فلا ولن تعوض ولن يجود الزمان بمثلها...
رحمة الله عليها السيدة عصمت الإسكندراني.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق